الاثنين، 27 أكتوبر 2014

المرتبة الثانية من الدين الحنيف ( الاسلام )


"الإسلام":
 وهو مرتبة من مراتب الدين الحنيف، كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}.
"والإسلام"، هو: الخضوع والانقياد لما أخبر به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم، كما قال ـ جلَّ جلاله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، أي: كلّ ما آتاكم فخذوه، وما نهاكم عنه فاتركوه، واعلموا أن نبوة نبينا محمّد ـ صلى الله عليه وسلم، باقية بعد وفاته كبقائها حال حياته، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ وجميع الخلق مخاطبون بشريعته الناسخة لجميع الشرائع، ومعجزته باقية وهي القرآن، قال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}، ومن رد أخباره الصادقة كمن رد كلام الله تعالى. آمنا بالله، وبكتاب الله، وبكل ما جاء به نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}. قال أهل العلم: ويدل مفهومها على أن مَن لم يشاقق الرسول، ويتبع سبيل المؤمنين، بأن كان قصده وجه الله تعالى، واتباع رسوله، ولزوم جماعة المسلمين، ثم صدر من الذنوب أو الهم بها ما هو من مقتضيات النفوس، وغلبات الطباع، فإن الله لا يوليه نفسه وشيطانه، بل يتداركه بلطفه، ويمن عليه بحفظه، ويعصمه من السوء، كما قال تعالى عن يوسف - عليه السّلام: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} أي: بسبب إخلاصه صرفنا عنه السوء، وكذلك كلّ مخلص، كما يدل عليه عموم التعليل، اللّهم اجعلنا مخلصين لك في الأقوال والأفعال والأحوال، آمينَ آمين.
"أيُّ إخوتي": مراتب التقوى بدين الله الإسلام، ثلاثة:-
1ـ تقوى الأوامر، كما قال ـ جلَّ ثناؤه: {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ}، وقال ـ جلَّ شأنه: {وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}، " والتقوى": هي الاحتراز بطاعة الله عن عقوبته، وهي صيانة النفس عما تستحق به العقوبة من فعل أو ترك. وهي الاقتداء بالنبي محمد- صلى الله عليه وسلم، قولاً وفعلاً، ومنها: الأركان الخمسة، في الإسلام الحنيف.     
2ـ تقوى التعظيم، كما قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}، وقال ـ عزَّ وجلَّ: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}، وهذه"تقوى القلوب"، قال المفسرون: إذا اجتمع القلب مع التقوى، "فدلالة القبول"، لما ورد عن الحبيب المحبوب ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ النُّورَ إِذَا دَخَلَ الصَّدْرَ انْفَسَحَ» فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ يُعْرَفُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، التَّجَافِي عَنْ دَارِ الْغُرُورِ، وَالْإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الْخُلُودِ، وَالِاسْتِعْدَادِ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِهِ»، رواه البيهقي والحاكم، كتب سيدنا عمر الفاروق إلى ابنه عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ في غيبة غابها: أمّا بعد: فإنَّ من اتقى الله وقاه، ومن اتكل عليه كفاه، ومن شكر له زاده، ومن أقرضه جزاه، فاجعل التقوى عمارة قلبك، وجلاء بصرك، فإنه لا عمل لمن لا نية له، ولا خير لمن لا خشية له، ولا جديد لمن لا خلق له، وقال سيدنا علي المرتضى - رضي الله عنه، التقوى: هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.
3 ـ تقوى الآداب، كما قال  ـ جلَّ مجده: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}، وهذه "امتحان تقوى القلوب"، وهذا قليل، لقوله تعالى: {وَقَلِيلٌ مَا هُمْ}. قال الحسين ـ رضي الله تعالى عنه: ((من امتحن الله قلبه للتقوى؛ كان شعاره القرآن، ودثاره الإيمان، وسراجه التفكر، وطيبه التقوى، وطهارته التوبة، ونظافته الحلال، وزينته الورع، وعلمه الآخرة، وشغله بالله، ومقامه مع الله، وصومه إلى الممات، وإفطاره من الجنّة، وجمعه الحسنات، وكنزه الإخلاص، وصمته المراقبات، ونظره المشاهدات))، كما في "تفسير روح البيان"، للعلّامة البروسوي (9/66 ، 67).  
فمن كان تقياً، كان لله ولياً، ولا ولاية إلا بالتقوى، والذي يتقرب إلى الله ـ جلَّ وعلا، بالطاعة والأدب، يتقرب إليه الحق ـ جلَّ جلاله، بالرحمة والرضا. فتنبه.
اللّهمَّ؛ بسطوة جبروت قهرك، وبسرعة إغاثة نصرك، وبعزَّتك لانتهاك حرمتك، وبحمايتك لمن احتمى بآياتك، نسألك يا الله يا سميع يا مجيب يا قريب يا منتقم يا قهار، يا شديد البطش، يا من لا يُعجزه قهر الجبابرة، ولا يعظم عليه هلاك المُتمرِّدة، من الملوك والأكاسرة، والأعداء الفاجرة، أن تجعل كيد من كادنا في نحره، ومكر من مكر بنا عائداً إليه، وحُفرة من حفر لنا واقعاً هو فيها، ومن نصب لنا شبكة الخداع، اجعله يا سيّدي مَسُوقاً إليها وحصيداً فيها وأسيراً لديها. احتجبنا بنور الله، وبنور عرش الله، وبكل اسم لله من عدوّنا وعدوِّ الله، ومن شر كلِّ خَلْقِ الله، بمائَةَ أَلْفِ أَلْفِ "لا حول ولا قوة إلا بالله"، خَتمنا على أنفسنا وديننا وأهلينا وإخواننا بمحبتك، وجميع ما أعطانا ربّنا بخاتم الله القدُّوس المنيع الذي ختم به أقطار السماوات والأرض، {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}. وصلَّى اللهُ على سيِّدنا مُحَمَّدٍ وعلى آله وصحبه ومن والاه وسلّم، آمينَ آمين. والحمد لله ربّ العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق