الثلاثاء، 4 نوفمبر 2014

حتشبسوت المرأة الاسطورية وحاملة اللقب ....

حتشبسوت
المرأة الاسطورية
وحاملة اللقب  .... من اعظم ملكات مصر كما وصفها علماء المصريات...
حتشبسوت (تعني: من أبرز السيدات النبيلة؛1508-1458 ق.م.) كانت الفرعون الخامس من عصر الأسرة الثامنة عشرة في مصر القديمة. يعتبروها علماء المصريات واحدة من أنجح الفراعنة، حامله للقب أطول من أي امرأة أخرى في الأسر المصرية. تميز عهدها بقوة الجيش والبناء والرحلات التي قامت بها. وهي الابنة الكبرى لفرعون مصر الملك تحوتمس الأول وأمها الملكة احموس وكان أبوها الملك قد أنجب ابنا غير شرعي هو تحتمس الثانيوقد قبلت الزواج منه على عادة الأسر الملكية ليشاركا معا في الحكم بعد موته، وذلك حلا لمشكلة وجود وريث شرعي له.
عائلتها :
هذه الملكة تركت ألغازا كثيرة وأسرارا وربما يكون أكثر تلك الألغاز إثارة شخصية "سنموت" ذلك المهندس الذي بنى لها معبدها الشهير في الدير البحري والذي منحته 80 لقبا وكان مسؤولا عن رعاية ابنتها الوحيدة وقد بلغ من حبه لمليكته أن حفر نفقا بين مقبرتها ومقبرته. وإذا جاءت تلميحات المؤرخين لتشير إلى وجود حالة حب قد جمعت الاثنين سنموت وحتشبسوت فإنهما الملكة وخادمها أيضا قد شاركا في "حياة أسطورية" وانتهى كل منهما نهاية غامضة لا تزال لغزا حتى الآن.
( كانت حتشبسوت زوجة الملك تحتمس الثاني ( حوالي 1512 ق.م - 1504 ق.م ) من السلالة الثامنة عشر ، ويبدو أن زوجها أُطيح به طوال بضع سنين ، ولكنهما عادا إلى العرش سنة 1493 قبل الميلاد ، وطوال السنوات ال12 التالية كرّست كل قواها وموارد مصر لإنشاء الطرق ، وتشييد المنازل ، والمعابد ، ولتحسين الأحوال البلاد الداخلية ، ومحاولة إبقاء مصر بعيدة عن الحرب مع جاراتها ، ومن أعظم أعمالها ضريح لزوجها في وادي الملوك ، بالقرب من طيبة ، وكانت ترعى كذلك الفنانين والحرفيين ، وكان لها ابن هو امنحوتب الثاني ( حوالي 1447 ق.م - 1420 ق.م ) ) .
حكمها :
اشتهر حكم حتشبسوت بالسلام والازدهار حيث كانت تحاول أقصى وسعها لتنمية العلاقات وخاصة التجارية مع دول الشرق القديم لمنع أية حروب معهم.
توليها الحكم :
واجهت حتشبسوت مشاكل عديدة في بداية حكمها بسبب حكمها من وراء الستار بدون شكل رسمي ويقول بعض الناس أنها قتلت زوجها وأخوها الملك تحتمس الثاني للاستيلاء على الحكم لكن لا يوجد دليل كافي. ومن جهة أخرى واجهت مشاكل مع الشعب حيث كان يرى أغلب الناس أنها امرأة ولا تستطيع حكم البلاد، إذ كان الملك طبقا للعرف ممثلا للإله حورس الحاكم على الأرض. لذلك كانت دائما تلبس وتتزين بملابس الرجال، وأشاعت أنها ابنة آمون لإقناع الشعب بأنها تستطيع الحكم. في الوقت نفسه كان ولي العهد الشرعي تحتمس الثالث لا زال صبيا وليس بمقدوره رعاية مصالح البلاد. فعملت حتشبسوت على حكم البلاد إلى أن يكبر، وراعت أن يتربى تحتمس الثالث تربية عسكرية بحيث يستطيع اتخاذ مقاليد الحكم فيما بعد. نشـّطت حتشبسوت حركة التجارة مع جيران مصر حيث كانت التجارة في حالة سيئة خصوصا في عهد الملك تحتمس الثاني، وأمرت ببناء عدة منشآت بمعبد الكرنك، كما أنشأت معبدها في الدير البحري بالأقصر، واتسم عهدها بالسلام والرفاهية.
بعثاتها إلى بلاد الجوار :
اهتمت حتشبسوت بالأسطول التجاري المصري فأنشأت السفن الكبيرة واستغلتها في النقل الداخلي لنقل المسلات التي أمرت بإضافتها إلى معبد الكرنك تمجيدا للإله آمون أو أرسال السفن في بعثات للتبادل التجاري مع جيرانها، واتسم عهدها بالرفاهية في مصر والسلام، وزاد الإقبال على مواد ترفيهية أتت بها الأساطيل التجارية من البلاد المجاورة، ومن أهمها البخور والعطور والتوابل والنباتات والأشجار الاستوائية والحيوانات المفترسة والجلود.
بعثة المحيط الأطلسي:
 أرسلت الملكة حتشبسوت أسطولًا كبيرًا إلى المحيط الأطلسي وازدهرت التجارة مع المحيط الأطلسي لاستيراد بعض أنواع السمك النادر.

بعثة بلاد بونت:
أرسلت الملكة حتشبسوت بعثة تجارية على متن سفن كبيرة تقوم بالملاحة في البحر الأحمر محملة بالهدايا والبضائع المصرية مثل البردى والكتان إلى بلاد بونت (الصومال حاليا)، فاستقبل ملك بونت البعثة استقبالا جيدا، ثم عادت محملة بكميات كبيرة من الحيوانات المفترسة والأخشاب والبخور والأبنوس والعاج والجلود والأحجار الكريمة. وصورت الملكة حتشبسوت أخبار تلك البعثة على جدران معبد الدير البحري على الضفة الغربية من النيل عندالأقصر. ولا تزال الألوان التي تزين رسومات هذا المعبد زاهرة ومحتفظة برونقها وجمالها إلى حد كبير.

بعثة أسوان:
أيضا صورت على جدران معبد الدير البحري وصف بعثة حتشبسوت إلى محاجر الجرانيت عند أسوان لجلب الأحجار الضخمة للمنشآت. وقامت بإنشاء مسلتين عظيمتين من الجرانيت بأسوان تمجيدا للإله أمون يبلغ كل منهما نحو 35 طنا، ثم تم نقلهما على النيل حتى طيبة وأخذت المسلتان مكانهما في معبد الكرنك بالأقصر. وعند زيارة نابوليون أثناء الحملة الفرنسية على مصر عام 1879 أمر بنقل إحدى المسلتين إلى فرنسا، وهي تزين حتي الآن ميدان الكونكورد في العاصمة الفرنسية باريس.
ويعجب المؤرخون والمهندسون :
 حتي يومنا هذا بقدرة المصريين على نقل تلك المسلتين من أسوان إلى الأقصر. فعملية تحميل المسلتين على السفن ثم نقلهما على النيل وإنزالهما على البر، ثم نقلهما على الأرض إلى مكان تشييدهما ليست بالسهلة على الإطلاق. وما يفوق ذلك أيضا هو تشييد المسلتان في المكان المختار لهما بالضبط أمام الصرح الذي شيدته الملكة حتشبسوت بمعبد الكرنك على بعد أمتار قليلة من الصرح.ولا يزال المهندسون حتى الآن يضعون النظريات للطريقة التي اتبعها المهندس المصري القديم للقيام بهذا العمل الجبار. ليس هذا فقط، فقد أصدرت حتشبسوت أوامرها بإنشاء مسلة تعتبر أكبر مسلة في تاريخ البشرية مكونة من قطعة واحدة من الحجر تزن فوق 1000 طن لوضعها بمعبد الكرنك، إلا أن المهندسين المصريين القدماء تركوها بعدما اكتشفوا فيها شرخا يحول دون استخدامها. ويزور حاليا سياح من جميع أنحاء العالم لمشاهدة أعجوبة تلك المسلة الغير كاملة التجهيز في محجر أسوان.
ويسألون أنفسهم :
 كيف أراد المصريون القدماء نقل هذه المسلة العملاقة إلى معبد الكرنك؟ ويصف أحد علماء المصريات الألمان طرق تقطيع الحجر أن المصريين القدماء كانوا يتعاملون مع الحجر كما لو كان زبدا، وفعلا يمكن مشاهدة ذلك في محجر أسوان ويسمى الآن (مسله ناقصه)•
حتشبسوت في الثقافة الشعبية :
من أشهر الملكات اللواتي تولينَّ حكم مصر وتعد من الجميلات، وحتشبسوت هي أول من ارتدت القفازات وذلك لوجود عيب خلقي بأصابعها(6 أصابع أو أكثر في اليد الواحدة) لم يعرف الناس ذلك إلا بعد رؤية موميائها ففي أغلب التماثيل التي صنعت لها كانت يداها تبدوان طبيعيتين لأنها كانت تأمر النحاتين بذلك، أيضا هي أول من طرزت القفازات بالأحجار الكريمة.
حملات عسكرية :
حملة عسكرية واحدة مسجلة عن عهد حتشبسوت قام بها تحتمس الثالث وهي الاستيلاء على غزة وكان ذلك بالقرب من نهاية حكمها. وبعض المخطوطات مثل مخطوط وجد في مقبرة سننموت (Senenmut (TT71 تفصح عن حملات تأديبية في النوبة وبعض البلاد الأخرى التي كانت تحت السلطة المصرية.
 1 ــ  حملة تأديبية على النوبة في بداية حكمها، وقامت بها حتشبسوت. ورد ذلك في مخطوط لرئيس الخزانة تيي Tij،
 2 ــ حملة تأديبية على سورية وفلسطين، طبقا لمخطوط في الدير البحري، مضافا إليها حملة ضد تمرد في النوبة.
 3 ــ  حملة تأديبية في السنة 12 من حكمها (ورد ذلك في كتابة في تانجور-غرب Tangur-West)، وتذكر فيه أول تاريخ لاشتراك تحتمس الثالث في الحكم مع حتشبسوت.)
4 ــ حملة ضد تمرد في النوبة في العام 20 من حكمها (مكتوبة على لوحة تومبوس Tombos.)
5 ــ  حملة تأديبية على ماو Mau بالقرب من منطقة فرقة Firka بين السنتين 20 و 22 من حكمها.
وفاتها :
توفت حتشبسوت في 10 من الشهر الثاني لفصل الخريف (يوافق 14 يناير 1457 قبل الميلاد) خلال العام 22 من فترة حكمها. جاء ذلك في كتابة على لوحة وجدت بأرمنت. وقدر المؤرخ المصري القديم مانيتو Manetho فترة حكمها ب 21 سنة وتسعة أشهر. وقد اعتـُقد في الماضي انها قتلت بسبب التنازع على الحكم، ولكن تم التحقق الآن من مومياء حتشبسوت وهي تبدي بوضوح علامات موت طبيعي، وأن سبب موتها يرجع إلى اصابتها بالسرطان أو السكري. وقبرها موجود في وادي الملوك ويرمز له بالرقم KV20. وربما قامت حتشبسوت توسيع مقبرة أبيها لكي تستعملها، ووجد تابوتها موجود بجانب تابوت أبيها.

تمثال من الحجر الجيري المقسّى لحتشپسوت في متحف متروبوليتان. التمثال أنتج بدون الذقن المستعارة التقليدية، إلا أنه يحتفظ بباقي رموز السلطة الفرعونية; الحية الملكية — الواضح إزالتها — والخات رداء الرأس.
فرعون مصر
الحقبة حوالي. 1479–1458 ق.م, الأسرة الثامنة عشر
سبقه تحتمس الثاني
تبعه تحتمس الثالث
قرينة (ات) تحتمس الثاني
أبناء نفرتي رع
الأب تحتمس الأول
الأم احموس
الدفن المقبرة 20 (أُعيد إدخالها المقبرة 60)
الآثار معبد الكرنك، الدير البحري، Speos Artemidos



 دجسر دجسرو هو المبنى الرئيسي في المعبد الجنائزي لـمجمع حتشپسوت في الدير البحري. صممه سنموت، كمثال للتناظر الكامل الذي يسبق الپارثينون بألف سنة.

 من اليسار إلى اليمين: الملكة أحمس، والملك تحتمس الأول، أم حتشبسوت وأبوها ثم أختها الأكبر منها نفرو رع. لاحظ تصوير الصغيرة وضفيرتها الوحيدة.

 حدود الإمبراطورية المصرية في عهد الملك تحتمس الثالث ، القرن الخامس عشر قبل الميلاد.


 تمثالان لأوزوريس بمعبد حتشبسوت في الدير البحري بالأقصر-غرب.


 حتشبسوت في صورة حورس بمعبد الأقصر.

لوحة لحتشبسوت وتحتمس الثالث يقدمان القرابين إلى المعبود آمون وتُرى حتشبسوت في المقدمة تحمل بخورا وخلفها تحتمس مرتديا التاج الأبيض، تاج الوجه القبلى ،(متحف الفاتيكان)

الأحد، 2 نوفمبر 2014

فاروق جويدة -لأن الشوق معصيتي


لأن الشوق معصيتي

لا تذكرى الأمس إنى عشت أخفيه
ِإن يغفر القلب جرحى ... من يداويه 


قلبى وعيناك والأيام بينهما
ِدرب طويل تعبنا من مآسيه


إن يخفق القلب كيف العمر نرجعه
ِكل الذى مات فينا ... كيف نحييه


الشوق درب طويل عشت أسلكه
ِثم أنتهى الدرب وارتاحت أغانيه 


جئنا إلى الدرب والأفراح تحملنا
ِواليوم عدنا بنهر الدمع نرثيه 


مازلت أعرف أن الشوق معصيتى
ِوالعشق والله ذنب لست أخفيه 


قلبى الذى لم يزل طفلا يعاتبنى
ِكيف انقضى العيد ... وانفضت لياليه


يا فرحة لم تزل كالطيف تسكرنى
ِكيف انتهى الحلم بالأحزان والتيه 


حتى إذا ما انقضى كالعيد سامرنا
ِعدنا إلى الحزن يدمينا ... وندميه 


مازال ثوب المنى بالضوء يخدعنى
ِقد يصبح الكهل طفلا فى أمانيه 


أشتاق فى الليل عطرا منك يبعثنى
ِولتسألى العطر كيف البعد يشقيه 


ولتسألى الليل هل نامت جوانحه
ِما عاد يغفو ودمعى في مآقيه 


ٌيا فارس العشق هل فى الحب مغفرة
ِحطمت صرح الهوى والآن تبكيه


الحب كالعمر يسرى فى جوانحنا
ِحتى إذا ما مضى .. لاشئ يبقيه


عاتبتُ قلبى كثيرا كيف تذكرها
ِوعمرك الغض بين اليأس تلقيه 


فى كل يوم تعيد الأمس فى ملل
ِقد يبرأ الجرح ... والتذكار يحييه


إنْ تُرجعى العمر هذا القلب أعرفه
ِمازال والله نبضا حائرا فيه 


أشتاق ذنبى ففى عينيك مغفرتى
ِياذنب عمرى .. ويا أنقى لياليه 


ماذا يفيد الأسى أدمنت معصيتى
ِلا الصفح يجدى .. ولا الغفران أبغيه 


إنى أرى العمر فى عينيك مغفرة 

 ِقد ضل قلبى فقولى ... كيف أهديه 

***

ما كل ما يتمنى المرء يدركه ****** ابو الطيب المتنبي *****


ما كل ما يتمنى المرء يدركه
******
 ابو الطيب المتنبي *****

بِمَ التّعَلّلُ لا أهْلٌ وَلا وَطَنُ
وَلا نَديمٌ وَلا كأسٌ وَلا سَكَنُ


أُريدُ مِنْ زَمَني ذا أنْ يُبَلّغَني 

مَا لَيسَ يبْلُغُهُ من نَفسِهِ الزّمَنُ

لا تَلْقَ دَهْرَكَ إلاّ غَيرَ مُكتَرِثٍ
ما دامَ يَصْحَبُ فيهِ رُوحَكَ البَدنُ

فَمَا يُديمُ سُرُورٌ ما سُرِرْتَ بِهِ
وَلا يَرُدّ عَلَيكَ الفَائِتَ الحَزَنُ

مِمّا أضَرّ بأهْلِ العِشْقِ أنّهُمُ
هَوَوا وَمَا عَرَفُوا الدّنْيَا وَما فطِنوا

تَفنى عُيُونُهُمُ دَمْعاً وَأنْفُسُهُمْ
في إثْرِ كُلّ قَبيحٍ وَجهُهُ حَسَنُ

تَحَمّلُوا حَمَلَتْكُمْ كلُّ ناجِيَةٍ
فكُلُّ بَينٍ عَليّ اليَوْمَ مُؤتَمَنُ

ما في هَوَادِجِكم من مُهجتي عِوَضٌ
إنْ مُتُّ شَوْقاً وَلا فيها لهَا ثَمَنُ

يَا مَنْ نُعيتُ على بُعْدٍ بمَجْلِسِهِ
كُلٌّ بمَا زَعَمَ النّاعونَ مُرْتَهَنُ

كمْ قد قُتِلتُ وكم قد متُّ عندَكُمُ
ثمّ انتَفَضْتُ فزالَ القَبرُ وَالكَفَنُ

قد كانَ شاهَدَ دَفني قَبلَ قولهِمِ
جَماعَةٌ ثمّ ماتُوا قبلَ مَن دَفَنوا

مَا كلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ
تجرِي الرّياحُ بمَا لا تَشتَهي السّفُنُ

رَأيتُكُم لا يَصُونُ العِرْضَ جارُكمُ
وَلا يَدِرُّ على مَرْعاكُمُ اللّبَنُ

جَزاءُ كُلّ قَرِيبٍ مِنكُمُ مَلَلٌ
وَحَظُّ كُلّ مُحِبٍّ منكُمُ ضَغَنُ

وَتَغضَبُونَ على مَنْ نَالَ رِفْدَكُمُ
حتى يُعاقِبَهُ التّنغيصُ وَالمِنَنُ

فَغَادَرَ الهَجْرُ ما بَيني وَبينَكُمُ
يَهماءَ تكذِبُ فيها العَينُ

وَالأُذُنُ تَحْبُو الرّوَاسِمُ مِن بَعدِ الرّسيمِ بهَا
وَتَسألُ الأرْضَ عن أخفافِها الثَّفِنُ

إنّي أُصَاحِبُ حِلمي وَهْوَ بي كَرَمٌ
وَلا أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي جُبُنُ

وَلا أُقيمُ على مَالٍ أذِلُّ بِهِ
وَلا ألَذُّ بِمَا عِرْضِي بِهِ دَرِنُ

سَهِرْتُ بَعد رَحيلي وَحشَةً لكُمُ
ثمّ استَمَرّ مريري وَارْعَوَى الوَسَنُ

وَإنْ بُلِيتُ بوُدٍّ مِثْلِ وُدّكُمُ
فإنّني بفِراقٍ مِثْلِهِ قَمِنُ

أبْلى الأجِلّةَ مُهْري عِندَ غَيرِكُمُ
وَبُدِّلَ العُذْرُ بالفُسطاطِ وَالرّسَنُ

عندَ الهُمامِ أبي المِسكِ الذي غرِقَتْ
في جُودِهِ مُضَرُ الحَمراءِ وَاليَمَنُ

وَإنْ تأخّرَ عَنّي بَعضُ مَوْعِدِهِ
فَمَا تَأخَّرُ آمَالي وَلا تَهِنُ

هُوَ الوَفيُّ وَلَكِنّي ذَكَرْتُ لَهُ
مَوَدّةً فَهْوَ يَبْلُوهَا وَيَمْتَحِنُ

(يتيمة الدهر) أو المسماة بـ(القصيدة القاتلة) أو بـ(دعــــد)




(يتيمة الدهر) أو المسماة بـ(القصيدة القاتلة) أو بـ(دعــــد)
وسبب تسميتها باليتيمة لإن قائلها لم يجر على لسانه من الشعر سوى هذه القصيدة، وسبب تسميتها بالقاتلة لإنها كانت هي سبب قتل صاحبها كما سيأتي، وتسمى القصيدة بـ دعـد لإنها نظمت في أميرة أسمها دعـــد وهذه الأميرة من اليمن.

قصتهـــــا:

كانت هناك أميرة في اليمن بارعة الجمال دعت الشعراء إلى التباري في مدحها ووصفها وذكر جمالها على أن تتزوج صاحب أجود قصيدة...
فنظم هذه القصيدة شاعر يقال له دوقلة المنبجي وبينما هو ذاهب إلى الأميرة إذ قابلة شاعر آخر ولم تكن قصيدة هذا الشاعر تصل لمستوى اليتيمة لا معنى ولا حبكة ولا لفظا، فقتل صاحب اليتيمة بعد أن سمعها منه وحفظها ثم ذهب إلى الأميرة ليلقيها بين يديها لعلها تكون سببا بالفوز بقلبها والزواج منها وهو الهدف المنشود.
وعندما وصل ألقى القصيدة بين يدي الأميرة دعد فكانت المفاجأة عندما صرخت الأميرة: وا بعلاه... وا بعلاه، لقد قتل هذا الرجل زوجي المرتقب.
فتجمع الحرس والحاشية وأخذوا يتسآلون: مالخبر؟؟ فشرحت لهم أن شاعر القصيدة من تهامة أما ترونه يقول:
إن تتهمي فتهامة وطني** أوتنجدي إن الهوى نجد
بينما هذا الرجل ليس من تهامة.
فأمسكوا به وضيقوا عليه الخناق فاعترف بأنه قتل صاحب القصيدة.



القصيـــــدة:




هـل بالطلـول لسائـل ٍ ردّ *** ام هل لها بتكلمٍ عهد

دَرَس الجديدُ ، جديدُ معهدها *** فكأنمـا هـي ريطـة جـردُ

من طول ما تبكي الغيوم على *** عَرَصاتِهـا ويقهقـه الرعـدُ

وتلُـثُّ ساريـةٌ وغـاديـةٌ *** ويكرُّ نحـسٌ خلفـه سعـدُ

تلقـاءَ شامـيـةٍ يمانـيـة *** لهـا بمـورِ ترابهـا سَـردُ

فكست بواطنهـا ظواهرهـا *** نـوراً كـأن زهـاءه بــرد

فوقفت أسألها ، وليس بهـا *** إلا المهـا ونقانـق رُبــد

فتبادرت درر الشؤون علـى *** خـدّي كمـا يتناثـر العقـد

لهفي على دعد وما خلقـت *** إلا لطـول تلهفـي دعــدُ

بيضاء قد لبس الأديـم بهـاء *** الحسُن ، فهو لجِلدها جِلد

ويزينُ فوديهـا إذا حسـرت *** ضافي الغدائـر فاحـمٌ جَعـد

فالوجه مثل الصبح مُبيـضٌّ *** والشعر مثل الليـل مسـودُّ

ضدّانِ لما استجمعـا حسُنـا *** والضدُّ يظهر حُسنـه الضـدُ

فكأنهـا وسنَـى إذا نظـرَتْ *** أو مدنـف لمَّـا يُفِـق بعـد

بفتور عين ٍ مـا بهـا رمَـدٌ *** وبها تُداوى الأعيـن الرمـدُ

وتُريـك عِرنيـنـاً يزيّـنـه *** شَمَـمٌ وخَـدَّاً لونُـهُ الـورد

وتجيل مسواكَ الأراك علـى *** رَتلٍ كـأن رُضابـه الشَهـدُ

والجيد منهـا جيـدُ جازئـة *** تعطو إذا ما طالهـا المـرْد

وامتدّ من أعضادهـا قصـبٌ *** فَعـمٌ زهتـه مَـرافـق دُرْد

والصدر منهـا قـد يزينـه *** نهدٌ كحـق العـاج إذ يبـدو

والمعصمان، فما يرى لهمـا *** من نعمـة وبضاضـة زنـد

ولهـا بنـان لـو أردت لـه *** عقـداً بكفـك أمكـن العقـد

وكأنمـا سقيـت ترائبـهـا *** والنحر ماء الورد إذ تبـدوا

وبصدرها حقـان خلتهمـا *** كافورتيـن علاهـمـا نــد

والبطن مطوي كمـا طويـت *** بيض الرياط يصونها الملـد

وبخصرهـا هيـف يزيـنـه *** فـإذا تنـوء يكـاد ينـقـد

فقيامُها مثنـى إذا نهضـت *** مـن ثقلـه وقعودهـا فَـرد

والسـاق خَرعبـة منعّمـةٌ *** عَبِلتْ فطَوق الحَجـل منسـدّ

والكَعـب أدرمُ لا يبيـن لـه *** حَجم وليـس لرأسـه حَـدُّ

ومشت على قدمين خُصرَتـا *** وألينتـا، فتكـامـل الـقـدّ

ما عابهـا طـول ولا قِصَـر *** في خلقها ، فقوامهـا قصـد

إن لم يكن وصل لديـك لنـا *** يشفي الصبابة ، فليكن وعْدُ

قد كان أورق وصلكم زمنـا *** فذوى الوصال وأورق الصَّـدُ

لله أشـواقـي إذا نـزحَـتْ *** دارٌ لكم ، ونـأى بكـم بُعـدُ

إن تُتْهمي فتهامـةٌ وطنـي *** أو تُنْجدي ، إنَّ الهوى نَجْـدُ

وزعمت أنك تُضْمريـن لنـا *** وُدّاً ، فهـلاّ ينفـع الـودُّ !

وإذا المحب شكا الصدودَ ولم *** يُعْطَف عليـه فقتلُـه عَمْـدُ

نختصُّها بالود ، وهي علـى *** مالا نحب ، فهكـذا الوجـد

أو ما ترى طمـريَّ بينهمـا *** رجـل ألـحّ بهزلـه الجـد

فالسيف يقطع وهو ذو صدءٍ *** والنصل يعلو الهام لا الغمـد

هل تنفعـن السيـف حليتـه *** يوم الجلاد إذا نبـا الحـد ؟

ولقد علمـتُ بأننـي رجـلٌ *** في الصالحاتِ أروحُ أو أغدو

سلمٌ على الأدنـى ومرحمـةٌ *** وعلى الحوادث هـادن جَلـدُ

متجلبب ثوب العفـاف وقـد *** غفل الرقيب وأمكـن الـوِردُ

ومجانبٌ فعل القبيح ، وقـد *** وصل الحبيب ، وساعد السعد

منـع المطامـع أن تثلّمنـي *** أنيّ لمِعولِهـا صفـاً صلـدُ

فـأروحُ حُـراً مـن مذلّتهـا *** والحرُّ حيـن يطيعهـا عَبـدُ

آليـت أمـدح مُقرِفـاً أبـداً *** يبقى المديـح وينفـد الرفـدُ

هيهات ، يأبى ذاك لي سلفٌ *** خمدوا ولم يخمد لهـم مجـد

فالجَدُّ كِندة والبنـون همـو *** فزكا البنون وأنجـب الجـدُّ

فلئن قفوت جميـل فعلهمـو *** بذميم ِ فعلي ، إننـي وغـدُ

أجمل إذا حاولت فـي طلـبٍ *** فالجِدُ يغنـي عنـك لا الجَـدُّ

وإذا صبـرت لجهـد نازلـةٍ *** فكأنـه مـا مسـك الجهـدُ

ليكن لديـكِ لسائـل ٍ فرجٌـا *** إن لم يكن.. فليحسـن الـردُّ

وطريد ليـل ساقَـه سَغَـبٌ *** وَهْنـاً إلـيَّ وقـادَه بَــرْد

أوسعتُ جُهدَ بشاشة وقِـرى *** وعلى الكريم لضيفه الجُهـد

فتصـرّمَ المثُنـي ومنـزلـه *** رَحْبٌ لـديّ وعيشـه رَغْـد

ثـم اغتـدى ورداؤه نـعَـمٌ *** أسأرتُهـا وردائـي الحمـد

يا ليت شِعـري بعـد ذالكُـمُ *** ومصيـرُ كـلّ مؤمـلٍ لحـد

أصريعُ كَلْمٍ أم صريـع ضَنـاً *** أودَى فليس من الـرَدى بُـدّ

مضناك جفاه مرقده ـ أحمد شوقي



مضناك جفاه مرقده ـ أحمد شوقي


مُضْنــــاك جفـــاهُ مَرْقَـــدُه

 وبَكــــاه ورَحَّــــمَ عُـــوَّدُهُ

حــــيرانُ القلــــبِ مُعَذَّبُـــهُ 

مَقْــــروحُ الجَـــفْنِ مُســـهَّدُهُ

أَودَى حَرَقًـــــا إِلا رَمَقًـــــا *

 يُبقيــــه عليــــك وتُنْفِــــدُهُ

يســــتهوي الـــوُرْقَ تأَوُّهـــه 

ويُــــذيب الصَّخْـــرَ تَنهُّـــدُهُ

ويُنــــاجي النجـــمَ ويُتعبُـــه 

ويُقيــــم الليــــلَ ويُقْعِـــدهُ

ويُعلّــــم كــــلَّ مُطَوَّقَــــةٍ 

 شَجَنًا فــي الــدَّوحِ تُــرَدِّدهُ

كــم مــدّ لِطَيْفِــكَ مــن شَـرَكٍ 

 وتــــــأَدَّب لا يتصيَّــــــدهُ

فعســـاك بغُمْـــضٍ مُسـعِفهُ 

 ولعــــلّ خيــــالَك مُســعِدهُ

الحســـنُ, حَـــلَفْتُ بيُوسُـــفِهِ 

 (والسُّورَةِ) إِنـك مُفـرَدهُ

قــــد وَدَّ جمـــالَك أَو قَبَسًـــا 

 حــــوراءُ الخُـــلْدِ وأَمْـــرَدُهُ

وتمنَّــــت كــــلُّ مُقطِّعـــةٍ 

يَدَهـــا لـــو تُبْعَــثُ تَشــهدُهُ

جَحَـدَتْ عَيْنَـاك زَكِـيَّ دَمِـي 

 أَكــــذلك خـــدُّك يَجْحَـــدُهُ?

قـــد عــزَّ شُــهودِي إِذ رمَتــا 

 فأَشَــــرْتُ لخـــدِّك أُشْـــهِدُهُ

وهَممـــتُ بجـــيدِك أَشـــرِكُه 

 فـأَبَى, واســـتكبر أَصْيَـدُهُ

وهـــزَزْتُ قَـــوَامَك أَعْطِفـــهُ 

فنَبــــا, وتمنَّــــع أَمْلَــــدُهُ

ســــببٌ لرِضـــاك أُمَهِّـــدُه 

مـــا بــالُ الخــصْرِ يُعَقِّــدُهُ?

بينــي فــي الحــبِّ وبينـكَ مـا 

 لا يقــــــدرُ واشٍ يُفسِـــــدُهُ

مــا بــالُ العــاذل يفتــحُ لـي 

 بـابَ الســـلوانِ وأوصِـــدُهُ

ويقـــولُ تكـــادُ تُجَـــنُّ بــهِ 

 فــــأقولُ وأُوشـــكُ أعْبـــدُهُ

مـــولايَ وروحــي فــي يــده 

 قـــد ضيّعهـــا ســلِمَتْ يــدُهُ

نـــاقوسُ القلـــبِ يُــدقُّ لــهُ 

 وحنايــــا الأضلِـــع معْبـــدُهُ

قســــمًا بثنايــــا لؤلؤِهــــا 

 قسَــــمُ اليـــاقوتِ مُنَضَّـــدُهُ

ورضـــابٍ يُوعَـــدُ كوْثـــرُه

 مقتُـــولُ العشـــقِ ومُشْـــهَدُهُ

وبخـــالٍ كـــاد يُحَـــجُّ لــهُ

 لـــو كـــان يُقبَّـــل أسْــودُهُ

وقـــوامٍ يَــرْوي الغصــنُ لــهُ 

 نَسَــــبًا والــــرمح يُفَنّـــدُهُ

وبخــصْرٍ أوْهــنُ مــن جَــلَدي

 وعــــوادي الهجْـــرِ تبـــدِّدُهُ

مــا خُــنْتُ هــواكِ ولا خَـطَرَتْ 

 ســــلوى بـــالقلبِ تُـــبرِّدُهُ

أنا آدمُ الأسماءِ لا آدمُ النشء محي الدين بن عربي


أنا آدمُ الأسماءِ لا آدمُ النشء
                   فلي في السما والأرض ما كان من خبءِ
ولكنه من حيث أسماءُ كونه
                   وما لي فيه إن تحققت من كفؤ
أنا خاتم الأمر الأعمِّ وجودُه
                   لذاك تحملتُ الذي فيه من عبءِ
فإنْ كنتَ ذا علم بقولي ومقصدي
                   وأحكامِ ما في الكلِّ من حكمة الجزءِ
فلا تاخذِ الأقوالَ من كلِّ قائلِ
                   وإنْ كان لا يدري الذي قال من هزء
فإنَّ الكلامَ الحقَّ ذلك فاعتمد
                   عليه ولا تهمله وافزع إلى البدء
لقد مدَّني ظلا وإنْ كنتُ نورَه
                   فإن لم أكن في الظل إني لفي الفيء
لقد عظَّم الرحمن نشئي لمن درى
                   وأعظم قدرٍ الشخصِ ما كان في النشء
وما أنا من هلك فما أنا هالك
                   وما أنا ممن يدرأ الدرءَ بالدرءِ
ولكنني رِدءٌ لمن جاء يبتغي
                   معونته مني فآمن بالردء
وإني إذا ما ضمني برد عفوه
                   إليه بجرمي أنني منه في دفء
وأعجب من كوني دليلا بنشأتي
                   ولا أرتجي برءاً وأجنح للبرء
وما ذاك إلا حكم غفلتي التي
                   خُصصتُ بها وهي التي لم تزل تشئيى

ورثت محمداً فورثتُ كلا محي الدين بن عربي


ورثت محمداً فورثتُ كلا
                   ولو غيراً ورثتَ جزءا
حصلت على معارفَ مفرداتٍ
                   ولم أر لي بعلمِ الله كفؤا
لذلك ما اتخذت كلام ربي
                   ولا آياته إذ جئن هزؤا
فاقبلتِ النفوسُ إليّ عددا
                   وقد أنشأتها للعين نشأ
لقد أخرجت من فلك وأرض
                   من العلم الإلهي لهنَّ خبأ
ولولانا لكان الخلقُ عميا
                   وبُكما دائماً عوداً وبدءا
بنا فتح الإله عيونَ قومٍ
                   قربن ومن نأى منهنّ ينأى
وورثناهمُ بالعلم فضلاً
                   فكانوا زينة خلُقاً ومرأى
وكنا في المصيف لهم نسيما
                   كما كنا لهم في البردِ دِفأ
وضعنا عن ظهورِ القومِ إصرا
                   وما حملتْ ظهورُ القوم عبأ
لاني رحمة نزلت عليهم
                   كآنية بماء الغيثِ ملأى
فأروينا نفوساً عاطشاتٍ
                   فلم تر بعد هذا الشربِ ظمأى